الأحد، 15 يونيو 2008

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الذي أرانا من تقلب الزمان وحوادثه عبراً ، وسير تطوره على صفحات الدهر أثراً ، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ألوفاً نظماً وشعراً ... أما بعد :
فإن دراسة علم الأنساب وحفظها وتدونها والاهتمام بها قديم قدم هذا الانسان على هذه الأرض. وإنه لم يخلو منه شعب من الشعوب ولا أمة من الأمم . ومكتابات العالم مليئة بسجلات الأخشاب وتزخر بمشجرات الأنساب . والفائدة العليا والمقصد العلي منه هو إحترام الأمم لأنسابها والحفاظ عليها والتعارف فيما بين أفرادها وزيادة توثيق روابط المحب والتآخي بين أفرادها. ومع مرور الزمن وتعاقب الأجيال تحولت إلى عصبيات جاهلية وقوميات ظالمة يحتقر بعضهم البعض ويستعلي فريق منهم على الآخر ونشأت العصبية العربية والنعرات الجاهلية ففرقت الجمع ومزقت الشمل وأهدرت الدم ثم أخربت الديار وعاشوا بعدها في محيط عائم لا ضوابط تحكمه ولا قواعد تسيره. حتى أذن الله ببعثة أفضل خلقه وأشرف رسله محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي جاء بالدين الجامع والمبدأ الموحد وذلك كله تحت شعار واحد يقول به وهو " وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ... " الآية . فدلت على أنهم ينتسبون إلى أصل إنساني واحد ثم أكد ذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم " كلكم بنو آدم وآدم من تراب " ... وبهذا المبدأ السامي الرفيع استطاع أن يوحد بين الناس وبهذا انتشر الإسلام كدين حق وعدل وحرية وكرامة ومحبة وإخاء ، بعيدة عن تلك النعرات الجاهلية والعصبيات الموبوقة . ولا يخفى عليك أخي القارئ الكريم أن علم الأنساب من الأمور المطلوبة والمعارف المندوبة فقد جاء الشرع المطهر باعتباره لما فيه من التعارف بين الناس واهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتعلمه فقال " تعلموا من أنسابكم ما تصلوا به أرحامكم " . واهتمام الصحابة رضوان الله عليهم به ومنهم صديق هذه الأمة لهو خير شاهد على شرف هذا العلم وجلالة قدره فقال عنه عمر بن الخطاب " هو علم عظيم النفع جليل القدر " وقال أيضاً " وإنه لا يليق جهله بذوي الهمم والآداب تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم ولا تكونوا كسواد النبط إذا سئل من أنت ... قال من قرية كذا فوالله ليكون بين الرجل وأخيه الشء لو يعلم الذي بينه وبين من دخل الرحم لردعه ذلك عن انتهاكه " . ولما أراد حسان بن ثابت أن يهجوا قريشاً قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف تهجوهم وأنا منهم فقال حسان والله لأستلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يذهب إلى أبي بكر ليبين له أنساب قريش وأصولهم ليكون على علم بذلك . وانطلاقاً مما سبق يأتي هذا البحث إقراراً لما علم وحتى يكون نبراساً ومرجعاً لأبنائنا وحتى لا ينسب أحد إلى غير آبائه قال تعلى " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " الأحزاب . وورد في الأثر التشديد على ذلك بقولهم " لعن الله الداخل فينا بغير نسب والخارج منا بغير سبب " لجملة هذه الأسباب توكلت على الله في كتابة هذا البحث راجياً منه التوفيق والإخلاص والله الهادي إلى سواء السبيل .
كتبه أبو يوسف الشريف
جده 5/9/1417هـ

ليست هناك تعليقات: